فيدان: تركيا تهدف للمساهمة في نظام دولي قائم على التضامن لا القطبية

0
29

صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بأن بلاده تهدف إلى المساهمة في نظام دولي قائم على التضامن لا القطبية، قائلًا: “النظام الدولي الذي تهدف إليه تركيا يتجاوز المفهوم التقليدي للنظام الدولي الذي تحدده القطبية، سواء كان أحادي القطب أو ثنائي القطب أو متعدد الأقطاب”.

جاء ذلك في مقالة باللغة الإنجليزية كتبها لمجلة “Insight Turkey” الدولية الصادرة عن مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركية “سيتا”، تحت عنوان “السياسة الخارجية التركية في قرن تركيا: المصاعب، الرؤية، الأهداف والتحول”.

وأوضح فيدان أن “قرن تركيا” الذي وضعه الرئيس رجب طيب أردوغان يهدف إلى دفع تركيا نحو مستقبل يسود فيه التقدم ومبادئ المشاركة العالمية مع تنشيط إنجازات القرن الماضي.

وذكر المقال أن هذه الرؤية ستسلط الضوء على جميع المجالات السياسية لتركيا، بما في ذلك سياستها الخارجية، مشيرًا أن هذا ينعكس بالفعل على محيط تركيا القريب وأهداف سياستها الخارجية.

وأكد أن آليات الحوكمة العالمية غير كافية لوضع حلول للمشاكل الراهنة، وأنها تحولت إلى مكان يدور فيه صراع قوى.

وأضاف: “هناك ضرورة لضمان حماية المبادئ الأساسية للقانون الدولي، ولكن مجلس الأمن الدولي، المسؤول الأول عن الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، لا يقوم بهذا الواجب. وهذا يؤدي إلى التدهور التدريجي لتوازن النظام الدولي، وحدوث تطورات غير متوقعة، والمزيد من الضعف”.

ولفت المقال إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في مشاكل أثرت على العالم مثل التضخم العالمي والركود الاقتصادي وأزمة الطاقة وانعدام الأمن الغذائي، مبينًا أن الجهات المعنية بالحل يبدو أنها بعيدة كل البعد عن إيجاد حلول للمشاكل المطروحة.

وأردف أن “النظام الدولي الذي تهدف إليه تركيا يتجاوز المفهوم التقليدي للنظام الدولي الذي تحدده القطبية، سواء كان أحادي القطب أو ثنائي القطب أو متعدد الأقطاب، وتهدف تركيا إلى المساهمة في نظام دولي أكثر شمولاً وفعالية وعدالة وأمانًا قادرًا على مواجهة التحديات العالمية والإقليمية الحالية؛ نظام متين يقوم على التضامن، لا القطبية”.

وأوضح فيدان أن هدف تركيا المتمثل في المساهمة في السلام والأمن بالمنطقة ذو شقين، مبينًا أن الأول منهما هو “القضاء على عناصر التهديدات ومكافحة الصعوبات” والجانب الثاني هو “استكشاف الفرص لنماذج التعاون السياسي”.

ـ استمرار العلاقات الإيرانية السعودية نقطة تحول

وشدد الوزير التركي على أن الإرهاب يشكل أكبر تهديد للسلام والأمن الإقليميين، مؤكدا أن تركيا ستواصل مكافحتها ضد تنظيمات “داعش” و”بي كي كي/ واي بي جي” و”غولن” الإرهابية، وستستمر في لعب دور رائد في الحرب ضد الإرهاب.

وأكد أهمية تشجيع عملية سياسية قائمة على أساس وحدة الأراضي السورية من أجل حل المشكلة في سوريا، مشدداً على ضرورة أن يقرر السوريون مستقبل بلادهم وعلى مشاركة المعارضة السورية الشرعية في العملية السياسية.

ولفت المقال إلى أن تركيا هي المدافعة عن سلامة أراضي العراق واستقراره السياسي وتواصل دعم المبادرات الرامية إلى القضاء على الجماعات الإرهابية على رأسها “بي كي كي”.

وشدد على أن الشرق الأوسط مر بمرحلة تحول في السنوات الأخيرة، وقال إن “استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية كان نقطة تحول فيما يتعلق باتجاهات المصالحة والتطبيع في المنطقة”.

كما أكد فيدان ضرورة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من أجل التوصل إلى حل دائم في الشرق الأوسط، مضيفا أن القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين وأنه ينبغي تحقيق حل الدولتين على أساس حدود عام 1967.

ـ سنواصل جهودنا لإنهاء الحرب الأوكرانية ـ الروسية

وأشار فيدان إلى أن النتائج التي سببتها الحرب الأوكرانية الروسية أثرت على المنطقة والعالم، قائلًا: “سنزيد جهودنا حيال إنهاء الحرب من خلال الدبلوماسية والحوار، على أساس استقلال أوكرانيا وسلامة أراضيها”.

وذكر أنه تم إيصال نحو 33 مليون طن من منتجات الحبوب إلى السوق العالمية في إطار مبادرة حبوب البحر الأسود، مبينًا أن إحياء المبادرة متشابك مع أمن حوض البحر الأسود.

وشدد فيدان على أهمية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة ونزيهة وحرة دون مزيد من التأجيل من أجل التوصل إلى حل دائم في ليبيا، ولفت إلى أن مبادرات تركيا ستستمر لضمان سلامة أراضي ليبيا.

وأوضح أن العلاقات مع أذربيجان تعمقت بالاسترشاد بإعلان شوشة الموقع من قبل الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأذربيجاني إلهام علييف في 15 يونيو/ حزيران 2021، مبينًا أن عملية التفاوض بين أذربيجان وأرمينيا تحظى بالدعم.

وأكد فيدان أن تركيا مستعدة لإعادة بناء المنطقة من خلال جهود البنية التحتية في جنوب القوقاز.

وتابع: “في حال نجاح أعمال البنية التحتية ومشاريع الربط، فإن سكان المنطقة سيحصلون على حصتهم من مجالات التجارة وأمن الطاقة والسياحة والاستثمار وفرص العمل”.​​​​​​​

ـ الأجواء الإيجابية الحالية مع اليونان “فرصة ثمينة”

أشار المقال إلى رغبة تركيا في تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي مع إيران، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب.

ولفت إلى أن تركيا تواصل مبادراتها لتعزيز السلام والاستقرار في منطقة البلقان، مؤكدا دعم وحدة أراضي البوسنة والهرسك وسيادتها وسلامتها السياسية، ودعم تطبيع العلاقات بين كوسوفو وصربيا.

وأكد أن الأجواء الحالية في العلاقات مع اليونان تعتبر فرصة ثمينة لضمان التعاون الإيجابي بين البلدين، مضيفا أن بلاده لن تقدم أي تنازلات وصادقة في مساعيها هذه، شريطة أن تتمتع اليونان بنفس المصداقية.

وأوضح فيدان أن أبرز القضايا التي ستؤدي إلى تغيير كبير في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​هو حل مشكلة قبرص، مشددا على ضرورة تأكيد الحقوق الأصلية والمساواة في السيادة والوضع الدولي المتساوي للقبارصة الأتراك والاعتراف باستقلال جمهورية شمال قبرص التركية.

ـ مأسسة العلاقات الخارجية

وأكد فيدان هدف أنقرة في تعزيز مأسسة السياسة الخارجية التركية، لافتا إلى أنها هدف ذو شقين.

وأوضح أن هذه الأهداف هي “تعزيز العلاقات الاستراتيجية القائمة، وإقامة علاقات جديدة”.

وأشار إلى العلاقات مع واشنطن وحلف شمال الأطلسي “ناتو”، قائلا: “باعتبارها حليفة في الناتو، تتمتع تركيا بشراكة استراتيجية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، ورغم بعض الاختلافات في وجهات النظر بيننا، فإن مصالحنا ومقارباتنا تتطابق في العديد من القضايا الإقليمية والعالمية”.

ولفت إلى أن بلاده ستسعى في الفترة المقبلة لتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة على أساس المصلحة المتبادلة، موضحا أن هذا الأمر يتمتع بأهمية كبرى في سبيل إحلال السلام والأمن في دول الجوار والبلدان الأخرى.

وأوضح المقال أن علاقات تركيا عبر الأطلسي تتمتع بأهمية حيوية لأمن وازدهار أوروبا، وأن تركيا باعتبارها عضوا في حلف شمال الأطلسي، تساهم بشكل أساسي في مبدأ “عدم تجزئة الأمن”.

وشدد على أن مكافحة الإرهاب ستظل على رأس جدول أعمال الحلف.

وأكد أن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي ما تزال تمثل أولوية استراتيجية، وأشار إلى أن المشاكل الإقليمية والعالمية أصبحت أكثر تعقيدا، ما يجعل من الضروري أكثر من أي وقت مضى دفع عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

وأفاد أن مفاوضات عضوية تركيا تمت عرقلتها بسبب دوافع سياسية لبعض الأعضاء، مؤكدا ضرورة أن يفي الاتحاد بمسؤولياته تجاه أنقرة.

ـ اهتمام خاص بالعنصر الاقتصادي في السياسة الخارجية

كشف فيدان أن الهدف الثالث من أهدافه هو “تحسين أجواء الرفاهية”، حيث قال إن “الاقتصاد التركي القوي والمستدام ذاتيا مع إمكانية الوصول إلى الفرص العالمية، سيعزز الرفاهية الاقتصادية ليس للشعب التركي فحسب، بل لجيرانه وأصدقائه وشركائه في جميع أنحاء العالم أيضا. ولهذا السبب، سيتم إيلاء أهمية خاصة للعنصر الاقتصادي في السياسة الخارجية في الفترة المقبلة”.

وأوضح أن تركيا ستقوم بتنويع وتعميق علاقاتها التجارية والاقتصادية مع كافة أنحاء العالم، لافتا إلى أن “التقنيات العالية والحرجة”، بما في ذلك صناعة الدفاع، ستشكل مجالات ذات أولوية في هذه العملية.

وأكد عزم بلاده على المساهمة في جهود الربط بين العراق ومنطقة الخليج، مشددا على أن مشاركة تركيا ستؤدي إلى تأثير مضاعف في أي مشروع يهدف للربط الإقليمي.

ـ سياسة الشراكة بين تركيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي

وقال فيدان إن هدفهم الرابع يتمثل في “تعزيز السياسات تجاه مناطق جغرافية مختلفة مع تقديم حلول للمشاكل العالمية”، لافتا أن أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي هي المنطقة التي تحشد فيها تركيا جميع عناصر سياستها الخارجية الإنسانية، وتشهد تعزيز علاقات الصداقة يوما بعد يوم.

وأشار إلى أن مبادرة “آسيا مجددا” التي أعلنتها أنقرة عام 2019، أصبحت رمزا لإرادة تركيا في تعزيز علاقاتها مع القارة الآسيوية على أساس المصلحة المتبادلة والأهداف المشتركة.

وذكر فيدان أن تركيا تدعم البلدان الأقل نموا في كل المجالات، وتولي أهمية لمبادرات إعادة تنظيم “الجنوب العالمي”.

– العنصرية وكراهية الأجانب وكراهية الإسلام

فيما يخص مبادرة “صفر نفايات” التي تم إطلاقها تحت رعاية أمينة أردوغان، عقيلة الرئيس التركي، أوضح فيدان أن المبادرة قدمت مساهمة كبيرة في جهود التنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ، لافتا إلى أنه سيواصل متابعتها عن كثب.

وحول وباء العنصرية وكراهية الأجانب وكراهية الإسلام في الدول الغربية، قال فيدان إنه من غير المقبول تقاعس الغرب إزاء حرق نسخ من القرآن الكريم للدين الإسلامي الذي أولى آياته “اقرأ”.

وأكد أنه من المروع أن تستمر هذه التوجهات والتصرفات التي تنتهك جوهر حقوق الإنسان والحريات الأساسية في القرن الـ21، مؤكدا أن بلاده لم ولن تقف مكتوفة الأيدي في وجه هذه التوجهات الخطيرة.

وشدد على استمرار تركيا في دعم كافة المبادرات الرامية إلى مكافحة الإسلاموفوبيا على جميع المنصات، وخاصة الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة التعاون الإسلامي.

وأكد أن الأهداف التي أدرجها في مقاله تتطلب التكيف المستمر، وأن تسريع التحول المؤسساتي لوزارة الخارجية يعد من أولوياته منذ توليه منصبه.