إنذار أخير لإقليم كردستان: هل يتكرر سيناريو أفغانستان؟

0
44

خلافات شديدة غير مسبوقة تجري داخل وزارة البيشمركة في إقليم كردستان بين الحزبين الحاكمين، وتكاد  الخلافات تهدم حلم التحالف الدولي بتوحيد القوات الكردية.

وكان التحالف قد حذر حكومة الإقليم بشدة مطالبا إياها بالعمل على توحيد قوات البيشمركة، ومنع اندلاع خلافات جديدة بين الفريقين، خاصة وأن الخلافات الجارية قد قسمت الوزارة إلى قسمين ينعدم التعاون والتجاوب بينهما، حتى الألوية الموحدة تواجه تهديد التفكك اليوم.

فعلى مدى سنوات طويلة بذل التحالف الدولي جهودا كبيرة من أجل توحيد القوات الكردية وإبعادها عن تدخلات الحزبين الكرديين، لكن الانشقاقات الجديدة على ما يبدو جعلت الأمر مستحيلا.

هناك من يقول إن عام 2023 سيكون آخر عام لتواجد التحالف الدولي في حال فشلت جهود توحيد القوات الكردية الحزبية.

“وزارة البيشمركة الآن ليست وزارة حكومية، بل أصبحت وزارة حزبية كاملة مكملة” هذه الكلمة ليست تصريحا من قبل أحد أحزاب المعارضة، أو تصريحا من أحد المراقبين، بل هي كلمة نائب رئيس إقليم كردستان العراق ووزير سابق لوزارة البيشمركة جعفر شيخ مصطفى، قبل يومين.

الخلافات الجديدة حسب تصريح رسمي صادر عن أمين عام الوزارة هي على توزيع المناصب الوزارية، حيث يصر الحزب الديمقراطي على توزيع المناصب بنسبة 57 في المئة للحزب الديمقراطي، و43 في المئة للاتحاد الوطني، وهو اقتراح يرفضه الاتحاد الوطني. بينما يرفض التحالف الدولي تدخلات الأحزاب ويحذر بسحب كل مساعداته للبيشمركة.

قبل شهر صرح اللواء بختيار محمد أمين عام الوزارة البيشمركة في مؤتمر صحفي قائلا “لا توجد علاقة داخل الوزارة بين حزبي الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، ولا يوجد احترام في الوزارة” واصفا الوضع الحالي بأنه “سيء جدا”.

هذه التصريحات دليل واضح على وجود صراعات أمنية وخلافات على المناصب والمكاسب على حساب المؤسسات الحكومية.

ومن جانب آخر حذر ماثيو مكفارلن قائد عمليات قوات التحالف في مؤتمر صحفي يوم 20 أغسطس الماضي قائلا “إذا لم تحدث إصلاحات في وزارة البيشمركة سوف تتوقف مساعداتنا المالية”.

وكان شورش إسماعيل وزير البيشمركة قد قدم استقالته قبل عدة أشهر احتجاجا على تدخلات الأحزاب بعمل الوزارة. ولا تزال الوزارة حتى الآن دون وزير.

ويمول التحالف الدولي 12 لواء موحدا للبيشمركة عن طريق توفير مرتباتهم ومساعدات أخرى كالتمرين والتسليح.

وحسب تصريحات التحالف يظهر جليا استياؤهم من العوائق الحزبية أمام محاولتهم وجهودهم التي يبذلونها لتوحيد القوات. لكن الصبر له حدود.

فتحذيرات التحالف وعدم قدرته على إجراء إصلاحات داخل الحكومة الكردية، إلى جانب الخلافات الداخلية تضعف دور حكومة إقليم كردستان يوما بعد يوم.

ويرى المراقبون أن تحذيرات التحالف بالانسحاب من وزارة البيشمركة جدي. حتى الأمين العام السابق للوزارة جبار باور قال قبل أسبوع في مقابلة صحفية إن “سنة 2023 آخر سنة وآخر فرصه لتوحيد البيشمركة، خلاف ذلك سينسحب التحالف وتقطع كل المساعدات عن إقليم كردستان”.

كل هذه المؤشرات والخلافات حدثت في وقت حساس يمر به الإقليم، ورغم كل التحذيرات يستمر الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي في مناوراتهما الحزبية تحقيقا لمصالحهما الخاصة، دون مراعاة لاستياء التحالف وتحذيراته من سحب كل مساعداته.

فالقوى الكردية تعرف أن انسحاب التحالف يضعف المنظومة الأمنية في الإقليم، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى تفكيك كل القوى الموحدة، وحتى هدم التجربة السياسية.

فتكرار سيناريو أفغانستان ليس احتمال بعيدا في حال أوقف الأميركان تعاونهم مع إقليم كردستان.

والتطورات السلبية داخل المنظومة الأمنية في كردستان العراق تحدث في وقت عادت فيه الحكومة الاتحادية بشدة إلى فرض سلطتها على حكومة أربيل، خاصة بعد إيقاف تصدير نفط الإقليم وتنفيذ بنود قانون الموازنة الاتحادية بحق الإقليم. حكومة أربيل لا خيار لها إلا الاتفاق أو التعاون مع الحكومة الاتحادية.

الآن أكثر من أي وقت مضى تحتاج حكومة إقليم كردستان لتوحيد صفوفها الداخلية، وبالأخص توحيد قواتها العسكرية، لكن الخلافات بين الحزبين الحاكمين تسللت إلى كل أرجاء الحكومة، خاصة داخل القوات المسلحة، حيث تتعامل الأحزاب مع القوات العسكرية دون مراعاة لأيّ قانون أو نظام حكومي، خدمة لمصالحها، التي هي مصالح الأحزاب والأسر الحاكمة.

فهل هناك أيّ إمكانية في أن يدوم إقليم كردستان كإقليم موحد في حال تخلى التحالف الدولي عن المنظومة الأمنية الكردية؟ وهل تجربة أفغانستان ستتكرر في كردستان، أم أن هذا الاحتمال بعيد عن واقع الإقليم والأكراد.. وهل لدى الجميع فرصة بعد عام 2023؟