أمير الكعبي؛ مايكل نايتس؛ وحمدي مالك (معهد واشنطن) 17/1/2023
تشير مجموعة “عصائب أهل الحق” إلى انتهاج تفكير عملي، في حين تغيّر “كتائب حزب الله” العراقية حججها وتكيّفها لمسايرتها، ولو كان ذلك من دون قبول صريح للوجود العسكري الأميركي في العراق.
في 13 كانون الثاني (يناير) 2023، صرّح رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لإذاعة “دويتشه فيله” الألمانية بأن “التوجه العام للحكومة المدعوم من القوى السياسية، هو تحديد مهام القوات الأميركية وأعدادها وأماكن تواجدها لفترة زمنية محددة…”. وكرر هذا الموقف في مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال”. و”القوى السياسية” التي أشار إليها السوداني هي “الإطار التنسيقي” الذي تعتبر مجموعة “عصائب أهل الحق” من أكثر أعضائه نفوذاً. وبالفعل، في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، أظهر زعيم “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، مكانته السياسية بالإشارة علناً إلى السوداني كـ”مدير عام” للحكومة التابعة لـ”الإطار التنسيقي”.
يبدو أن تعليقات السوداني في 13 كانون الثاني (يناير) حظيت بتأييد “الإطار التنسيقي”، علماً بأن “عصائب أهل الحق” كانت أكبر قوة خطابية في المطالبة بإقامة علاقات براغماتية مع الولايات المتحدة (تجدر الإشارة إلى أن قيس الخزعلي سعى إلى الضغط على الولايات المتحدة مراراً وتكراراً منذ العام 2018 عن طريق السياسيين العراقيين، قبل أن يتوقف منذ تصنيفه كـ”إرهابي عالمي محدد بصفة خاصة” بموجب “الأمر التنفيذي رقم 13224” الأميركي الذي دخل حيّز التنفيذ اعتباراً من 3 كانون الثاني (يناير) 2020).
وفي 10 كانون الثاني (يناير) 2023، حضر وزير التعليم العالي، نعيم العبودي، المؤتمر الدولي للتطورات في هندسة النُظم الإلكترونية في “الجامعة الأميركية في العراق” في بغداد، وألقى خلاله كلمة، وتم اصطحابه في جولة في أرجاء الحرم الجامعي. والعبودي هو نائب سابق في مجلس النواب ومسؤول رفيع المستوى في “عصائب أهل الحق”. وكان قد حصل على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية من “الجامعة الإسلامية في لبنان”، علماً بأن “وزارة التعليم العالي” العراقية لا تعترف بها قانونياً.
وبالمثل، نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية اليومية عن علي تركي، النائب الحالي والمقاتل المخضرم والمتمرس في “عصائب أهل الحق”، في 10 كانون الثاني (يناير) 2023، قوله إن “هذا الجلوس مع أميركا لغرض تبادل المصالح لا ضير فيه”. وأضاف: “القوات الأميركية الموجودة في العراق اليوم هي لتدريب القوات الأمنية… (إنّنا) نسعى إلى جعل العلاقة مع أميركا علاقة شراكة ومصالح”. وفي المقابلة نفسها، وصف علي تركي الحكومة العراقية الحالية بأنها “حكومة مقاومة”.
ومن بين الحركات التي تصنفها الولايات المتحدة إرهابية، كانت “عصائب أهل الحق” أول حركة تنخرط بشكل كامل في السياسة البرلمانية. لكنّ هناك منظمة أخرى مماثلة في “الإطار التنسيقي”، هي “كتائب حزب الله” التي تمثلها حركة “حقوق” (بستة مقاعد). وفي 13 كانون الثاني (يناير) 2023، صرّح سعيد السراي، أمين عام حركة “حقوق”، لموقع “شفق نيوز” العراقي بأن “عدم تنفيذ رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، لقرار إخراج القوات الأميركية (من العراق)… سيدفعنا إلى اتخاذ مواقف سياسية. ولهذا يجب تنفيذ القرار وفق الأطر القانونية والدبلوماسية”. وكان سعيد السراي يشير إلى قرار مجلس النواب العراقي في كانون الثاني (يناير) 2020، الذي يدعو الحكومة إلى طرد القوات الأجنبية من البلاد.
(وفي هذا السياق)، قد يندرج هذان الموقفان المتناقضان ضمن إطار تقسيم المهام الناشئ بين فصائل المقاومة للتعامل مع الولايات المتحدة في العراق. فقد استُخدم على ما يبدو المتحدث السابق باسم حركة “حقوق”، علي فضل الله، للتعبير عن آراء “كتائب حزب الله” بشأن المسألة الحساسة المتعلقة بالانتماء إلى تحالف سياسي يشير إلى (تأييد) إمكانية بقاء القوات الأميركية في العراق، على الأقل في الوقت الحالي. ففي 16 كانون الثاني (يناير) 2023، أفاد فضل الله خلال نقاش حول العلاقة بين العراق والولايات المتحدة على قناة “النجباء” الفضائية التابعة لـ”حركة حزب الله النجباء”، قائلاً: “إنني أرى نضجاً كبيراً في الطريقة التي يتصرف بها قادة “الإطار التنسيقي” والمقاومة، ويبدو أن هناك تنسيقاً في الرؤية (فيما يتعلق بالولايات المتحدة). محور (المقاومة) يحث على طرد القوات الأميركية، والحكومة العراقية تحاول التفاوض مع الأميركيين. ولكن عندما تحدث المفاوضات تحت ضغط هائل، قد يضعف الطرف الآخر… ولتحقيق المزيد من الفوائد في الفترة الحالية… لا يتعارض محور المقاومة مع رؤية “الإطار التنسيقي”. ويبدو أن سياسة العصا والجزرة هي المعتمدة في التعامل مع الجانب الأميركي”. وبمرور الوقت قد يتضح ما إذا كان ذلك هو الهدف الفعلي للمقاومة -أي انسحاب الولايات المتحدة على المدى القريب- أو مجرد سبيل للتغطية على عدم ارتياح “كتائب حزب الله” من موقف “الإطار التنسيقي”.
*أمير الكعبي: محلل عراقي لديه عشر سنوات من الخبرة في تحليل الأحداث الأمنية والسياسية في العراق. وهو متخصص في الشؤون السياسية البينية الشيعية وأنشطة المليشيات المدعومة من إيران. مايكل نايتس: زميل في برنامج الزمالة “ليفر” في معهد واشنطن ومقره في بوسطن، متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج. الدكتور حمدي مالك: زميل مشارك في “معهد واشنطن” ومتخصص في المليشيات الشيعية. وهو المؤسس المشارك لمنصة “الأضواء الكاشفة للمليشيات”، التي تقدم تحليلاً متعمقاً للتطورات المتعلقة بالمليشيات المدعومة من إيران في العراق وسورية. وقد شارك في تأليف دراسة المعهد للعام 2020 بعنوان “التكريم من دون الاحتواء: مستقبل “الحشد الشعبي” في العراق”. يتحدث العربية والفارسية.